الأبوذية ضرب من ضروب الشعر الشعبي مؤلف من بيتين بأربعة أشطر ثلاثة منها في جناس واحد يتحد في اللفظ ويختلف في المعنى وينتهي الشطر الرابع منه بحرفي (الياء والهاء)، أما في حالة الغناء فله أطوار عديدة والبيت الواحد من الأبوذية يستطيع المطرب ان يؤديه على أي طور يشاء وللاطوار أنغامها أيضاً.
فمن الأطوار ما ينسحب على نغم البيات وما ينسحب على السيكاه أو الحجاز أو الصبا وغيرها من الأنغام.
والأبوذية واحد في وزنه وتركيبه وان أختلفت مفرداته بين حوار المدينة وحوار الريف العامي، أي لهجة المدينة ولهجة الريف، والأبوذية هو من بحر الوافر كما ورد في عروض الشعر... للخليل بن أحمد الفراهيدي (مفاعلتن مفاعلتن فعول).
وكلمة الأبوذية جاءت من معنى الاذية. وتدل تركيبة الأبوذية من حيث الوزن الذي هو (الوافر) أو حيث الجناس الثلاثي والقفلة في الشطر الرابع التي تنتهي دائماً بحرفي الياء والهاء والشيء الآخر الذي يتميز به (الابوذية) عن سواه من أنماط الشعر هو إنه لاينظم إلا على بحر واحد وهو بحر الوافر.
ومن الأدلة التي تثبت عراقية هذا الموروث الشعبي:
1-ان تركيبة الأبوذية لم يطابقها في الفارسية نظم مشابه له لا من حيث المعنى ولا من حيث العروض.
2- أن الأبوذية فن من الفنون الشعبية وترجمة لاحاسيس ومشاعر إنسانية عاشها الإنسان العراقي خلال حقب متراكمة من الزمن.
فراح يجسد ويترجم معاناته بلهجته الخاصة وحسب الحوار اليومي الذي يدور في منطقته وكثيرة هي اللهجات المحلية في المدينة والريف والبادية وتختلف مفردات حوارها من منطقة الى اخرى. فإبن الريف قد ترجم معاناته بالأبوذية وغيره من ألوان الغناء الريفي، وإبن البادية ترجم أحاسيسه (بالحدي والسامري والهجيني والمسحوب وغيرها...).
والإنباط ترجموا معاناتهم بالشعر النبطي الذي مازال منتشراً في الجزيرة العربية.
وقد عرفنا أن سبب تسميته بـ(الأبوذية)، وهي كلمة مركبة من (أبو) أي صاحب، ومن (ذية) وهي مخففة (أذية فيكون معناه (صاحب الأذية) وهذا التعليل قريب من الصواب لأن ناظمة أو قارئه لا يمكن أن يجيده إلا إذا كان مصاباً بحادثة سواء كانت نفسية أو غيرها مما تستوجب ألمه فيندفع بواسطته للإعراب عما يدور في خلده ولينفس كربه بواسطته.
وقد استخدمت فيه سائر أغراض الشعر وهي:
1- العتاب.
2- التوجع.
3- الحماس.
4- المديح.
5- الرثاء.
6- الغزل.
7- الهجاء.
8- المراسلات.
9- السياسة.
10- الاجتماعيات.
11- الألغاز.
12- الفلسفة.
وأول من قالها و وزنها هو حسين العبادي . الذي خاطب به زوجته فقال:
ترف بهواك من مثلي وله دوم
بثناياها الخلل بين ولهدوم
أمل الفرس لو كبرت ولهدوم
شبصرك برذعه النامت عليه
فأحست زوجته قصده فأجابته:
جد بهواك لليهواك وعره
وعمن جه عشرتي وياك وعره
بعد ماني معك بشظاظ وعره
الكل منه انشحن وانكر خويه
نماذج من شعر الأبوذية
حمامة الفرت من ايدي ولاجت
وعليها الروح تتعـذب ولاجت
من أمس لليوم لاحطت ولاجت
ولا الها جدم بــرض الوطيه
***
حبيبي شيوصلك وانـت ثريه
نشف دمعك وآنه دموعي ثريه
رغم عسري تظل نفسي ثريه
بظلام الليل اوجن لـك ثريه
ولن كلبك بلا رحــمه ثريه