بيت الشعَر والقهوة العربية في تراث العراقيين

انَّ تطور الحياة المدنية خاصة من الناحية العمرانية جعل المباني الحجرية الشاهقة تزحف نحو المدينة والريف.. وأصبحت المساحات العمرانية مسيطرة على خريطة حياة الانسان المعاصر.. اضافة الى التطور التكنولوجي في مجال الكهرباء والتبريد والتدفئة وغيرها من وسائل الراحة والاطمئنان ما أدى الى هجرة بيوت الشعَر وتحول قسم كبير من الناس من الريف خاصة البدو الرحل واستقروا في المدن والأقضية طلباً للراحة والاستقرار. ويتكون بيت الشعر عادة من السقف والرواق والساحة، حيث يتألف السقف من قطع من نسيج شعر الماعز، تسمى شقة عرض، وكل شقة تبلغ نحو (70سم تقريباً) أما طولها فيختلف بحسب نوع البيت.. فعلى سبيل المثال: البيت ذو العمود الواحد يبلغ طوله (9م).. ويتألف من ثلاث شقق من الامام وثلاث شقق من الخلف، حيث تخاط الشقق معاً بخيط من شعر الماعز، ويوضع تحتها ما يعرف بـ (الطريقة) وهي نسيج من الشعر عرضها نحو (30سم) تمتد على عرض بيت الشعر بحيث ترتكز عليها أعمدة البيت بوساطة قطعة مستديرة تسمى عمادة، وتربط الشقق مع بعضها كما يخاط (المخل) على طرفي الشقق وذلك لربط الرواق بالشقق بوساطة الاخلة. أما الرواق.. فيتكون من قطعتين، القطعة العليا من شعر الماعز ويتوسطها خط أبيض يكون على شكل هندسي مزخرف يخاط على طول طرف الرواق من الأعلى. وذلك لربطها بالشقة.. والقطعة السفلى مصنوعة من صوف الغنم ووبر الجمال وتسمى (السَفالة) وهي التي تلامس الأرض وذلك لوقاية الرواق من الحجارة التي توضع عليها. أما الرقة فتشكل جوانب البيت وهي امتداد للسقف وهي تحل محل (المنشفة) في الحياة المستقرة إذ يمسح الضيوف أيديهم بها بعد الطعام.. وان شدة اتساخها يعني كرم صاحب البيت. أما الستادة فهي قطعة منسوجة من الشعر أو الصوف أو القطن وتوضع أمام المحرك لحجب النساء عن الرجال وذلك اتباعاً للتقاليد البدوية الأصيلة في المحافظة على المرأة وإظهار الاحترام لها، بهذه الطريقة التي تحجبها عن مجالس الرجال. أما الساحة فتقسم البيت الى قسمين وهما: المضافة والمحرم وتتألف من قطعتين ويتخللها خيوط من القطن على شكل هندسي معين.ولبيت الشعر أدوات معينة لا ينصب إلا بها كالأعمدة وكل عمود له اسم، كما يحتاج نصب البيت الى حبال طويلة غليظة تعرف بالأطناب، والى أوتاد تربط بها الحبال وأوتاد صغيرة تثبت الرواق في الأرض.. هذا اضافة الى حلقات تسمى (الخدم) تستخدم لربط الحبل بشدة بالوتد المثبت في الأرض.وبيت الشعر يتجه دائماً الى الشرق وذلك لدرء الرياح وحرارة الشمس، في حين يكون الشق نحو الجهة الشمالية، بينما يكون المحرم في الجهة الجنوبية.. وعندما يشتد الحر يرفع الرواق بحيث يصبح البيت مفتوحاً من الجوانب كافة.والشق مضافة الرجال فيه حفرة مستطيلة الشكل تسمى ((النقرة)) أو الموقد التي تضم دلال القهوة العربية.. وهي تتكون من ثلاث دلال مختلفة الأحجام، والمحماسة وطباخ، وهي دلة كبيرة اضافة الى (المهباش) أو الهاون الذي يكون قريباً منها، واعداد القهوة العربية السادة يحتاج الى خبرة خاصة لا تتوافر إلا في القلائل من معدي هذه القهوة ويسمى (القهوجية) أو (القهوجي).وعليه يجب مثلاً ان يعرف ان القهوة تحمص حتى تصبح حباتها شقراء قاتمة لأن التحميص الزائد يبخر الزيت العطر منها، وان نقص لا تظهر نكهتها الطازجة المعروفة.. وفوق ذلك يتوجب على معد القهوة معرفة كميتها مع كمية الماء وان يقوم بغلي القهوة حتى يسمع صوت الغليان وكمية (حب الهيل) التي يجب ان تضاف الى الطبخة.. وللقهوة العربية طقوس خاصة في تقديمها الى الضيوف وكمية ومقدار القهوة في الفنجان.. وطريقة تقديمها.ولعل أبرز ما في مقتنيات بيت الشعَر هو (الفراش) وأهمها (البسط) والفجج اضافة الى (الخروج) التي تغزل خيوطها وتحيكها المرأة البدوية.. بعد ان تصبغ خيوطها بقشور النبات كالبلوط والرمان والصنوبر وورق السماق.. كما يضم البيت البدوي في العادة بندقية وربابة كما يضم البيت أدوات الطبخ اضافة الى (قرب) الماء المصنوعة من جلد الماعز، هذا فضلاً عن الفراش المصنوع من الصوف.والملاحظ ان بيت الشعَر بسيط التركيب، غير معقد، يسهل نصبه مثلما يسهل هدمه، بحيث لا يشكل حملاً ثقيلاً.كما ان أدوات البيت البدوي بسيطة وتتلاءم وطبيعة الحياة البدوية المتميزة بالترحال وكثرة التنقل بحثاً عن الكلأ والعشب وحماية القبيلة.