تعتبر الرسالات والأديان السماوية بحق رحمة لبني البشر، فهدفها هدايتهم وإنقاذهم من براثن التخلف والعبودية والفساد التي كانت سائدة في عصور نزولها، فقد جاءت جميع الأديان مجسدة لرسالة الهداية والعلم والتحرر لإنقاذ المجتمعات المتخلفة في تلك العصور الغابرة.
فلماذا تصور الأديان الآن وكأنها نقمة على الشعوب ويتناولها الإعلام وكأنها هي اداة مانعة للتقدم بل يعتبرها من ادوات التخلف والظلامية؟ لقد نسبوا للأديان كل ما هو ظلامي ونراهم اليوم قد اشتدت هجمتهم على الاسلام خصوصا فنسبوا اليه التكفير والقتل والتخلف علما ان الدين الاسلامي هو دين محبة وسلام وتقدم ورحمة للعالمين (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين). الدين الاسلامي عمل اول ما جاء على انتشال أقوام الجزيرة العربية من هاوية التخلف والوأد وسائر الممارسات الجاهلية فضلا عن عبادة الاوثان، جاء ليحرر الاماء والعبيد وليضعهم بمصاف الأسياد. دين بني على الانسانية، وهكذا هي جميع الأديان، الدين المسيحي هو كذلك دين تسامح ومحبة وعلم والدين اليهودي هو دين جاء لخلاص بني اسرائيل آنذاك من طغيان فرعون واستعباده، فلماذا الاعلام حاليا يصور جميع معوقات الحياة وكأن مسببها الاديان؟ ولماذا هذا التركيز فقط على الدين الاسلامي ورسالته الانسانية؟ أليس هو دين (لا فرق بين أبيض وأسود ولا فرق بين عربي وأعجمي الا بالتقوى)؟ أليس هو دين (كنتم خير امة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر)؟ أليس هو دين (إنما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق)؟ فماذا يريدون من الاسلام وهو صاحب هذه الرسالة الانسانية؟ وقد يحتج احد هؤلاء بالقول: هنالك اساءات كثيرة صدرت من مسلمين، فنقول له نعم ولكن لا يصح نسبتها للاسلام ، كما هو الحال بالنسبة للمسيئين من غير المسلمين فهل نحسب اساءاتهم على دينهم.. فلا.. واما ما يخص المسيئين من المسلمين فتحسب حصرا على الافراد الذين ارتكبوها متخذين من الاسلام غطاء لها ولسائر أعمالهم المنحرفة التي تبرأ منها واستنكرها علماء الاسلام الأعلام بل كل مسلم مستقيم فالاسلام حرم القتل وحرم السرقة وحرم الكذب وحرم النفاق وأكد على التكافل الاجتماعي والبر بالوالدين وعدم إيذاء الجار وحفظ حقوق الانسان أيّ انسان، فها هو الامام علي (ع) في عهده لمالك الاشتر عند ارساله لمصر يقول: (واعلم ان الناس صنفان: اما اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق)، فأي مبدأ من مبادئ هؤلاء المتهجمين يداني هذا القول في ما اشتمل عليه من الانسانية والعدالة؟ ونقول لمن يريد الاساءة للإسلام بإتخاذه غطاء لأفعاله المنحرفة إنك إنما تسيء للشريعة الاسلامية الغراء، ونريد من الذين ينتقدون الدين الاسلامي ان يقرأوا ما هو مطبق قولا وفعلا من قبل سيدنا محمد (ص) نور الهداية ، نعم نحن نريد دين محمد ودين علي ودين الخلفاء ودين الأوصياء، لا نريد دين تكفير ودين تطهير عرقي يعج بالظلاميات القاعدية وغيرها، نحن نريد ان نرى الاسلام بوجهه الحقيقي أي وجه النور، اما الظلام فهو لأصحاب الظلام، ((ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة)).
____________________________
المقال من افتتاحية جريدة كل العراق في 1/7/2007
الأحد 01 يوليو 2007, 6:17 am
