الناصرية .. مدينة عمرها التاريخ

تقع الناصرية على نهر الفرات و على بعد عشرين كيلومتراً من أور. و أور هي مدينة إبراهيم الخليل عليه السلام , أبو الأنبياء الذي وردت قصته عدة مرات في القرآن الكريم. و أور هي إحدى أهم المدن السومرية حيث انطلقت الإنسانية قبل سبعة ألف سنة , فالتاريخ يبدأ في سومر (انظر : التاريخ يبدأ في سومر لصموئيل نوح كريمر و الغرب و العالم لكيفن رايلي و ما كتبه جان بواتيرو حول الحضارة السومرية). كانت سومر أرضا خصبةً و فكراً متجدداً متفتحاً على العالم. تقبلت الأكديين الذين هاجروا إليها من الجزيرة العربية فأخذت من ثقافتهم و غذتهم بثقافتها و اختلطت الحضارة السومرية بالحضارة الاكدية و سرعان ما اخذ الأكديون عن سومر الأدب و الثقافة و اللغة و ازدهرت الحضارة الاكدية ثم حدث الشيء ذاته مع البابليين , حيث إننا نجد الثقافة السومرية ثقافة الدولة في أكد و بابل و في أشور فيما بعد. سومر أعظم مثال لالتقاء الحضارات .... و سومر أيضا أعظم مثال لتحطم الحضارات....
لها في كل ظلم نصيب... العيلاميون
هاجم العيلاميون أور مستغلين تفكك وتفرق المدن السومرية فأحرقوا أور و سومر و شردوا أهاليها فرثاها السومريون في رثائية دامية خلدت تلك الأحداث (رثائية تدمير سومر و اور) و تحولت أور المدينة العامرة إلى خرائب و انطفأت الحضارة في تلك البقعة التي كادت أن تنسى لولا ذي قار.
لها في كل ظلم نصيب... الساسانيون
استدعى كسرى عظيم الفرس , النعمان بن المنذر واليه على الحيرة بعد خلاف بينهما وعلم النعمان ان كسرى يضمر له الشر فتوجه النعمان الى قبائل بني شيبان فاستودع لديهم أهله و ماله قبل أن يذهب إلى طيسفون (عاصمة الدولة الساسانية آنذاك). و كأي متجبرٍ طاغٍ كان كسرى يرى إن أهل النعمان و ماله جزء من ممتلكاته هو فأمر بني شيبان بتسليمه ما أودعهم النعمان و فاته أن العربي إذا أؤتمن لا يخون و إذا أستجير به يجير و لا يسلم من استجار به. رفض بنو شيبان (ولن يكون أخر رفضٍ للطغيان ترفضه هذه المدينة) فهددهم كسرى بالعسكر و السلاح فلم يجيبوا طلبه فسير لهم جيشاً فدارت رحى معركة ذي قار الشهيرة التي وصفها رسول الله صلى الله عليه آله و سلم قائلاً "هذا أول يومٍ أنتصف فيه العرب من العجم".
أشعلت ذي قار فتيل حربٍ طويلة بين الساسانيين و القبائل العربية و برز من بني شيبان المثنى بن حارثة الشيباني الذي أدرك الإسلام و شارك الجيوش الإسلامية الفاتحة, تذكرته أرملته حين حمي وطيس معركة القادسية و رأت تخاذل البعض فصرخت بكلمتها المشهورة "وامثنياه... ولا مثنى للخيل بعده" وصفه قيس بن عاصم لإبي بكر حين سئل من هذا الذي تأتينا وقائعه قبل معرفة نسبه؟ "أما أنه غير خامل الذكر و لا مجهول النسب ولا قليل العدد و لا ذليل الغارة".
جاء ألإسلام نوراً و هدى ولكن الإسلام وقع بيد العصابة المسلحة التي استعملته آلة للدنيا, فحرّفت فيه و قاتلت أهله و أشعلت الفتن التي اكتوت بنارها ألأمصار الإسلامية تلك الفتن التي انتهت بسقوط بغداد بيد المغول ودخول البلاد في الظلام من جديد.
لها في كل ظلم نصيب... العثمانيون
جاءوا بإسم ألإسلام فذبحوا المسلمين و نهبوا بلادهم رغم أن دم المسلم و ماله و عرضه على المسلم حرام. سعت الدولة العثمانية لضرب العشائر العراقية و كانت أقواها في جنوب العراق عشائر المنتفق و الخزاعل فخططت الدولة العثمانية لتقسيم العشائر و فرز و ما يمكن فرزه من أراضي المنطقة و فرض أرادتها بالقوة على السكان المحليين فسيّرت لهذا الغرض قوة من الجيش و خططت لبناء مدينة الناصرية و كلّف الوالي المهندس البلجيكي جول تيلي لتخطيط المدينة التي أشترط ان تبقى في ارض منخفضة لكي تكون مهددة بمياه بحيرة أبو قداحة. و سميت الناصرية نسبةً إلى شيخ المنتفك ناصر السعدون.
لها في كل ظلم نصيب... الإنكليز
جاء الإنكليز محررين لا فاتحين كما قال قائدهم مود...و منذ متى كان الإنكليز يحررون الشعوب؟ لم يكن الإسلام في هذه المدينة لعقاً على اللسان أو سلعة للتجارة بل كان أيماناً عميقاً دفع الشاعر و عالم الدين السيد الحبوبي ومن معه إلى التصدي للإنكليز. كان وقوف الشيعة آنذاك مع الدولة العثمانية التي تدعي الإسلام أمراً لا يصدق, فهذه الدولة حاربت الشيعة و ذبحتهم و شرّدتهم و حرمتهم من المناصب الحكومية و أفقرتهم و ناصبتهم العداء طوال القرون ألأربعة التي استعمرت فيها العراق و أغرقته في الظلام الدامس و الجهل المقيت و الفقر المدقع. هل كان ما فعله الشيعة خطأً فادحاً؟ سرعان ما سيكشف التاريخ هذا. لقد تكبد الإنكليز خلال زحفهم من البصرة إلى بغداد حوالي ثلاثة و ثلاثين قتيل و أستمر زحفهم حوالي ثلاث سنوات في حين وصلوا الموصل في اقل من سنة و دون أي خسائر تذكر...قصة سوف تعيد نفسها مرات و مرات...هل كان ما فعله الشيعة خطأً فادحاً؟ سرعان ما سيكشف التاريخ هذا.
في عام 1915 حوصرت الحامية الإنكليزية في الكوت, و كان حصار الكوت حصاراً مؤلماً أستمر 146 يوماً و أرغم الحامية الإنكليزية على الاستسلام بعد تكبدها خسائر عظيمة. حصار سوف ينتقم له الإنكليز فيما بعد ألأشهر بالسنين يحاصرون بها العراق و يحرمونه الدواء و الغذاء و حتى ألأوراق و ألأقلام ! حاول الإنكليز فك الحصار فلم ينجحوا و حاولوا إرسال ألإمدادات للحامية المحاصرة فقطع أهل الناصرية الطريق على تلك ألإمدادات فكانوا غصةً في بلعوم الإنكليز...غصة سوف تجبر الإنكليز على الخروج من برودهم و إطلاق لقب "الشجرة الخبيثة" على مدينة الناصرية.
شرف كبير و الله أن يطلق الإنكليز هذا اللقب على هذه المدينة و شرف والله أكبر أن يستعمله عبيد الإنكليز و صنائعهم فيما بعد... صدق المتنبي الرافضي إذ قال:
وإذا أتتك مذمتي من ناقصٍ فهي الشهادة لي باني كامل
ماذا يتوقع المرء بعد هذا الحصار؟ أمر أخر لا يصدق, دخل العثمانيون "المسلمون" المدينة فقاموا بأعمال انتقامية دموية لا مثيل لها ضد السكان بتهمة التعاون مع الإنكليز(انظر حامد الحمداني "صفحات من تاريخ العراق الحديث". هل كان ما فعله الشيعة خطأً فادحاً؟ سرعان ما سيكشف التاريخ هذا.
انتهى حصار الكوت و انتهت ثورة العشرين و مهدت دماء الشيعة لإقامة الدولة العراقية الحديثة و كان لهم ما أرادوا إذ قالوا

معلومات جدا مهمة ومفيدة وشيقة لمدينتنا العزيزة الناصرية ولاهمية الموضوع سوف انقله الى الصفحة الرئيسية في صفحة البوابة .......شكرا جزيلا لك حضرة المدير العام علة هذه المعلومات القيمة والرائعة.....

السيد المدير العام وعليك الحساب
استاذنا بارك الله بيك يا (admin)
ونتمنالك النجاح تلو الاخر

8) 8) 8) 8)