العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ.. أسطورة عربية خالدة
من منا لايعرف العندليب الأسمر أو يسمع عنه؟؟ ربما بعضنا لم يسمع له ولكني أجزم إننا جميعا دون استثناء سمعنا عنه... فماذا نعرف عن عبد الحليم حافظ؟ محاولة لربط ما رأيناه في مسلسل "حليم – حكاية شعب" وبين هذا الشاب اليتيم الذي فرض نفسه على خارطة الغناء في الوطن العربي، وبالرغم من مرور 30 عامًا على وفاته، تقريبًا – إلا أن فنه حي لم يمت..
هو عبدالحليم إسماعيل شبانة، ولد في 21 يونيو 1929 في قرية الحلوات في مصر.. توفيت والدته بعد ولادته.. وقبل أن يتم عامه الأول توفي والده، ليعيش اليتم من جهة الأب كما عاشه من جهة الأم من قبل.. لينتقل بعدها للعيش في بيت خاله الحاج متولي عماشة.. ومنذ دخوله للمدرسة تجلى حبه العظيم للموسيقى حتى أصبح رئيسا لفرقة الأناشيد في مدرسته.. ومن حينها وهو يحاول الدخول لمجال الغناء لشدة ولعه به. دخل عبد الحليم شبانة معهد الموسيقى وتعلم الطرب والغناء والعزف وتخرج سنة 1949 من المعهد مع عمالقة التلحين مثل الموسيقار محمد الموجي ورياض السنباطي.
دخل الإذاعة بهدف إنشاء فرقة لكن صوته شد انتباه بعض ممن حوله على الرغم من تصدي البعض الآخر لهذا الصوت الجديد.
وبعد مدة طويلة من العذاب والإحباط والمحاولات الفاشلة خصوصًا انه كان يرفض أن يغني أغاني محمد عبد الوهاب ويصر أن يغني أغانيه هو.. حتى أتت الفرصة للعندليب الأسمر وذلك عندما غنى أغنية (على قد الشوق) من الحان كمال الطويل والتي رفعت أسهم العندليب الأسمر لدى الجمهور بشكل كبير.. ومن بعدها والعندليب الأسمر في صعود مستمر حتى بلغ قمة الهرم الغنائي في مصر والوطن العربي أجمع.
أول أفلامه كان فيلم «لحن الوفاء» لحلــمي رفلة، ومثل بعدها أمام أجمل جميلات السيــنما المصرية شادية ونادية لطفي ومــريم فخــر الدين وســعاد حسني...
علاقته بسعاد حسني
حيكت حول حياته الشخصية قصص له عن الحب والعلاقات الغرامية ولعل أهــمها علاقــته بسندريلا الشاشة سعاد حسني، فكانت علاقة حبهما أو زواجهما محور حديث الأوساط الإعلامية ردهًا مـــن الزمن، ولكن حينهــا أنكــر الطرفان أن يكــون هــذا الزواج قد تم فعلا.
ولكن بعد وفاة السندريلا كشف النقاب عن هذه العلاقة فقد أكد مقربون من الممثلين أن هذا الزواج قد تم فعلا بشهادة شهود إلا أن تكتم عبد الحليم على هذا الزواج قد دفع بسعاد حسني لطلب الانفصال. وقد ساهم عبد الحليم في صناعة شهرة سعاد حسني في بدايتها خاصة فكان يرشدها ويهتم بها وبالأعمال التي تقدمها وقال الكثيرون ممن عرفوا السندريلا خاصة أنها أحبته حبا كبيرا وهو ربما ما دفعها لإخفاء حقيقة ارتباطها به.
كان عبد الحليم حافظ مبدعا في أعماله خرج بالكلمة واللحن والأداء عمّا هو سائد في تلك الأيام فخلق لنفسه فضاء فنيا متميزا سلب عقول الكبار والصغار... المحبين والمجروحين... السعداء والمتألمين.
تواريخ في حياة العندليب الأسمر
* 1945: التقى عبد الحليم بالفنان كمال الطويل في المعهد الأعلى للموسيقى العربية، حيث كان عبد الحليم طالبا في قسم التلحين، وكمال في قسم الغناء والأصوات، وقد درسا معا في المعهد حتى تخرجهما عام 1949.
* 1951: عمل كعازف لآلة الأوبوا في فرقة موسيقى الإذاعة.
* 1951: تقابل مع صديق ورفيق العمر الأستاذ مجدي العمروسي في بيت مدير الإذاعة في ذلك الوقت الإذاعي الكبير فهمي عمر.
* 1952: "العهد الجديد" أول نشيد وطني غناه عبد الحليم حافظ في حياته، من كلمات محمود عبد الحي وألحان عبد الحميد توفيق زكي، وقد غناها عبد الحليم بعد قيام ثورة 23 يوليو.
* 1953 : ظهر بصوته (فقط) بأغنية "ليه تحسب الأيام" كلمات فتحي قورة وألحان علي فراج في فيلم "بعد الوداع"، وشارك عبد الحليم للمرة الثانية بصوته فقط في فيلم سينمائي، هذه المرة مع فيلم "بائعة الخبز"، حيث غنى شكري سرحان بصوت حليم أغنية "أنا أهواك"، وذلك أمام ماجدة التي غنت بدورها في الفيلم بصوت المطربة برلنتي حسن.
* يوم 18 يونيو في نفس السنة أحيا عبد الحليم حفلة أضواء المدينة بحديقة الأندلس فيما يعتبر بأنها حفلته الرسمية الأولى، والتي كانت أيضا أول احتفال رسمي بإعلان الجمهورية. حيث كان يوسف وهبي فنان الشعب قد قدم ذلك المطرب الشاب بقوله "اليوم أزف لكم بشرى ميلاد الجمهورية، وأقدم لكم الفنان عبد الحليم حافظ".
* 1953: تعاقد الموسيقار محمد عبد الوهاب مع الشاب عبد الحليم حافظ على بطولة فيلمين وهما "بنات اليوم"، و "أيام و ليالي" و لكن لم يتم تنفيذهما، و بدأ في تصوير فيلم أول أفلامه بعد ذلك بعامين.
* 1954: أول قصيدة تغنى بها عبد الحليم – "لقاء" - التي كانت من كلمات صلاح عبد الصبور و ألحان كمال الطويل.
* ظهرت أغنية "على قد الشوق" في الإذاعة للمرة الأولى، من كلمات محمد علي أحمد و ألحان كمال الطويل، والتي ظهرت بعدها بعام في "لحن الوفاء" أول أفلام عبد الحليم حافظ المعروضة.
* 1955: بدأ عبد الحليم في تصوير أول أفلامه "أيامنا الحلوة" مع المخرج حلمي حليم و في نفس الوقت بدأ تصوير فيلم "لحن الوفاء"مع المخرج إبراهيم عمارة، وقد تم عرض الفيلمين في فترة متزامنة، إلا أن "لحن الوفاء" تم عرضه قبل "أيامنا الحلوة" بأسبوع واحد.
*لحن الموسيقار محمد عبد الوهاب أول أغانيه لعبد الحليم مع أغنية "توبة"، و التي ظهرت بعد ذلك في فيلم "أيام و ليالي" في نفس العام، الذي شهد عرض أربعة أفلام كاملة للعندليب، فيما وصف بأنه عامه الذهبي سينمائيًا.
* 1956: موعد أول لقاء فني بين الثلاثي عبد الحليم و الملحن كمال الطويل والشاعر صلاح جاهين، وذلك مع أغنية "إحنا الشعب"، أول أغنية يغنيها حليم للرئيس جمال عبد الناصر بعد اختياره شعبيًا لأن يكون رئيسًا للجمهورية.
محمد عبد الوهاب يقدم على تعاونه الأول مع عبد الحليم في مجال الأغاني الوطنية، و ذلك مع أغنية "الله يا بلدنا" ، والتي تغنى بها عبد الحليم بعد العدوان الثلاثي.
عبد الحليم حافظ يصاب بأول نزيف في المعدة. وكان وقتها مدعوًا على الإفطار بشهر رمضان لدى صديقه مصطفى العريف.
خرج إلى النور فيلم "دليلة" أ و تقاسم بطولته عبد الحليم مع شادية فى ثانى لقاء سينمائى بينهما، و هو الفيلم الذي راهن مخرجه محمد كريم أن يقود عبد الحليم بعده جيلاً جديداً من المبدعين و الفنانين.
* 1957: موعد أول لقاء فني بين عبد الحليم حافظ و الملحن بليغ حمدي مع أغنية "تخونوه" التي ظهرت بفيلم "الوسادة الخالية". و كان عبد الحليم قد لفت نظره لحن هذه الأغنية للمرة الأولى عندما كان يؤدى بروفاته الخاصة للفيلم، حيث كان يؤدي بليغ بروفة خاصة به لأغنية "تخونوه" مع النجمة الكبيرة ليلى مراد، فنال اللحن إعجاب عبد الحليم الشديد، حتى إنه استأذن من المطربة الكبيرة أن يرفق الأغنية في فيلم "الوسادة الخالية"، لتصبح واحدة من أهم أغاني أفلام العندليب على الإطلاق.
* 1960: تكونت شركة "أفلام العالم العربي" بين عبد الحليم و مجدي العمروسى و مدير التصوير وحيد فريد، ليصبح فيلم "البنات و الصيف" باكورة أعمال الشركة، و الذي كان عبد الحليم بطلاً لقصته الثالثة.
غنى عبد الحليم "حكاية شعب" من كلمات أحمد شفيق كامل و لحن كمال الطويل، و ذلك فى حفل أضواء المدينة الذي أقيم بمدينة أسوان للاحتفال بوضع حجر الأساس ببناء السد العالي، وقد حضر الحفل جمال عبد الناصر. و ظل الجمهور صامتاً طوال فترة الأغنية مما أثار إحساساً بالقلق من فشلها ، و عندما أعطى إشارة نهاية الأغنية حدثت المفاجأة فقد قوبلت هذه الأغنية بعاصفة من التصفيق الشديد، خاصة من رجال الثورة.
* 1961: دخل الموسيقار محمد عبد الوهاب شريكًا مع عبد الحليم في شركة إنتاج أسطوانات، لتصبح جزءًا من شركة أفلام العالم العربي، ثم تغير اسم الشركة لتصبح "صوت الفن".
حدث الخلاف الوحيد الذي وقع بين أفراد شركة "صوت الفن" و هي عندما أنتجت الشركة فيلم "الخطايا"، كانت أغنية "قوللي حاجة" التي لحنها عبد الوهاب من ضمن أغاني الفيلم، و عندما وضعها المخرج حسن الإمام في سياق دراما الفيلم قرر أن يقطع الموسيقى لمدة عشر ثواني عندما تتلاقى نظرات عبد الحليم و حبيبته نادية لطفي، فثار عبد الوهاب على ذلك و قرر إعادة مونتاج الفيلم الذي كان قد تم نسخ عدد كبير منه من أجل وضع أغنيته كاملة.
* 1962: أغنية "الجزائر" غناها عبد الحليم ليحيي فيها كفاح أهل الجزائر اللذين نالوا استقلالهم فى نفس العام.
أغنية "لست أدري" التي غناها عبد الحليم في فيلم الخطايا، أهداها إليه الموسيقار محمد عبد الوهاب الذي غناها من قبل في فيلم "رصاصة فى القلب" عام 1944.
* 1963: بدأ تصوير فيلم "معبودة الجماهير"، وكانت من ضمن أغانيه "بلاش عتاب" التي استغرق كمال الطويل في تلحينها مدة الأربع سنوات التي استغرقتها مدة تصوير الفيلم.
* 1964: وقع خلاف بين العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ و كوكب الشرق أم كلثوم عندما أخرت دخوله على المسرح في حفلة عيد الثورة، وقال يومها قبل غنائه في الميكروفون "إنه لشرف عظيم أن يختم مطرب حفل بعد أم كلثوم و لكنى لا أدري إذا ما كان غنائي اليوم شرف أم مقلب من أم كلثوم".
* 1965: منع عبد الحليم في هذه السنة من الغناء في حفلة عيد الثورة بأمر من المشير عبد الحكيم عامر (الرجل الثاني في مصر وقتها)، وذلك بسبب ما حدث منه تجاه أم كلثوم، إلا أن جمال عبد الناصر رد له اعتباره عندما أعلن عن إقامة حفلة أخرى في الإسكندرية بعد الأولى بيومين، والتي أصدر أمر أن يقوم عبد الحليم بإحيائها مع من يشاء من المطربين، وكانت هذه هي الحفلة الأولى و الأخيرة التي تقام لاحتفالات الثورة في الإسكندرية.
* 1967: ظهر فيلم "معبودة الجماهير" بعد أربع سنوات من التوقفات و المشاكل الإنتاجية و الذي كان بطولة مشتركة بين عبد الحليم و الفنانة شادية و من إخراج حلمي رفلة.
* يونيو 1967: أقام عبد الحليم حافظ خلال الأيام التالية لوقوع النكسة في مبنى الإذاعة، و ذلك برفقة الكاتب عبد الرحمن الأبنودي و الملحن كمال الطويل، لتكون الحصيلة في النهاية عشر أغنيات متعلقة بالمعركة، أهمها أغنية "أحلف بسماها" التي وعد حليم أن يغنيها في كل حفلاته إلى أن تتحرر أرض مصر في سيناء.
موعد حفلته التاريخية أمام 8 ألاف شخص في قاعة ألبرت هول بلندن لصالح المجهود الحربي لإزالة آثار العدوان. و قد قدم عبد الحليم في هذا الحفل أغنيته "المسيح" لعبد الرحمن الأبنودي و بليغ حمدي فيما كانت أيضًا نسخة الحفل من أغنية "عدي النهار" واحدة من أبرز أغاني حفلات عبد الحليم على مدار تاريخه الطويل.
* 1969: قدم العندليب برفقة المخرج حسين كمال فيلم "أبى فوق الشجرة" آخر عمل سينمائي له، والذي حقق رقمًَا فلكيًا في عدد أسابيع عرضه الأول، حيث ظل في دور العرض المصرية لمدة 52 أسبوعًا كاملاً.
* 1973 قام عبد الحليم ببطولة المسلسل الإذاعي "أرجوك لا تفهمني بسرعة"، و هو المسلسل الوحيد الذي شارك فيه عبد الحليم كبطل للحلقات، و ذلك برفقة نجلاء فتحي و عادل إمام و إخراج محمود علوان.
أغنية "عاش اللي قال" أول أغنيه غناها عبد الحليم بعد نصر أكتوبر 73 . من كلمات محمد حمزة و ألحان بليغ حمدي. وكانت أول أغنية أشاد فيها بدور الرئيس محمد أنور السادات في انتصار مصر.
* 1974: غنى عبد الحليم أغنية "فاتت جنبنا" في حفل بجامعة القاهرة للمرة الأولى، من كلمات حسين السيد و الملحن محمد عبد الوهاب. و غنى معها "أي دمعة حزن لا لا" للكاتب محمد حمزة والملحن بليغ حمدي.
موعد آخر عمل بين عبد الحليم و كمال الطويل مع أغنية "صباح الخير يا سينا".
* 1975: بعد إعادة افتتاح قناة السويس للملاحة العالمية غنى عبد الحليم آخر أغانيه الوطنية "النجمة مالت على القمر"، كلمات محسن الخياط و ألحان محمد الموجي. و أغنية "المركبة عدت" من كلمات مصطفى الدمراني و ألحان محمد عبد الوهاب.
* 1976: آخر ما تغنى به عبد الحليم "قارئة الفنجان" فى حفلة شم النسيم، هذه الأغنية التى بذل فى الإعداد لها وفى بروفاتها مجهودًا خارقًا تعرض بسببه للنزيف القاتل عدة مرات، فقد احتشد لها بكل عناصر النجاح، أولاً اختياره لكلمات أشهر شاعر عربى حديث كتب عن الحب وهو نزار قبانى، ثانيًا لحن محمد الموجى الذي تم التحفظ عليه لحين الانتهاء من لحنه العبقري المتفرد.
* مارس-آذار 1977 - وفاة الفنان الأكثر إصرارا على فرض نفسه، العندليب الأسمر عبد الحليم إسماعيل شبانة، أو باسم الشهرة عبد الحليم حافظ بعد معاناة كبيرة مع المرض.