نظام الإحداثيات البروجية: لقد لوحظ منذ القدم أن تنقل القمر والسيارات بين النجوم يجري بحيث تظل قريبة من فلك البروج (وهو المدار الظاهري للشمس بين النجوم الذي يميل على مستوي الاستواء بزاوية قدرها 23.5ْ تقريباً). ولهذا السبب فإن فلك البروج يمثل دائرة ملائمة تماماً لتحديد مواقع هذه الأجرام السماوية. وهكذا برز نظام الإحداثيات البروجية ecliptic، وهو تاريخياً أقدم من نظام الإحداثيات الاستوائية.
تسمى النقطتان الواقعتان على الكرة السماوية اللتان تقعان إلى الشمال والجنوب من فلك البروج وتبعدان عنه زوايّاً 90ْ قطبي فلك البروج. كما تسمى الدوائر العظمى المارة بهذين القطبين، ومن ثم المتعامدة مع فلك البروج دوائر العرض (الشكل 4).
|
(الشكل -4) نظام الإحداثيات البروجية |
تتحدد مواقع الأجرام السماوية في نظام الإحداثيات هذا بالعرض والطول البروجيين (أو الفلكيين). أما العرض عر للنجم ن فهو بعده الزاوي عن مستوي فلك البروج محسوباً على دائرة العرض؛ وهو يتغير من 0ْ إلى ± 90ْ، مع العلم بأن العرض يعد موجباً عند الاتجاه إلى القطب الشمالي، وسالباً عند الاتجاه إلى القطب الجنوبي. وأما الطول طو للنجم ن فيقاس بالزاوية المحصورة بين دائرة العرض للنجم ودائرة العرض المارة بنقطة الاعتدال الربيعي. ويمكن قياس الطول بقوس فلك البروج بدءاً من نقطة الاعتدال الربيعي حتى دائرة عرض النجم بعكس اتجاه دوران عقارب الساعة (وذلك بالنسبة للراصد في نصف الكرة الشمالي)، وهي تتغير بتغير النجوم من 0ْ إلى 360ْ. وفيما يلي تعريف بنظام جديد من الإحداثيات يسمى نظام الإحداثيات المجرِّيَّة، ولهذا الغرض لا بد من تعرف مجرتنا التي تسمى «درب التبانة»: يمكن للمرء أن يشاهد في ليلة صافية غير مقمرة شريطاً مضيئاً يمتد عبر القبة السماوية من الأفق إلى الأفق. ويتابع هذا الشريط طريقه تحت الأفق إلى نصف الكرة السماوية الجنوبي بحيث يظل في جوار دائرة سماوية عظمى. يتسع هذا الشريط في بعض المناطق ويضيق في أخرى، كما أن لمعانه غير منتظم. وقد وجد بالاستعانة بالراصدات (التلسكوبات) أنه مؤلف من ملايين النجوم الباهتة التي تكوِّن مجموعات نجمية منفصلة، ومن مجموعات سديمية متألقة وباهتة. وقد توصل العلماء إلى أن درب التبانة مؤلف من مجموعات نجمية ليست موزعة عشوائياً، بل إن هذه المجموعات أجزاء من نظام نجومي ضخم، وأن شمسنا تنتمي إلى هذا النظام وتقع قرب المستوي المتوسط له الذي، كما ذكر، يتقاطع مع الكرة السماوية وفق دائرة عظمى. يسمى هذا المستوي المستوي المجرِّيِّ، وتسمى الدائرة العظمى دائرة الاستواء المجرِّيَّة.
نظام الإحداثيات المجرِّيَّة: يعرَّف هذا النظام كما عرِّف نظام الإحداثيات البروجية شرط أن يستعاض عن مستوي فلك البروج بالمستوي المجريّ. وعندئذ يعرف بالطريقة نفسها الطول المجرّي طم والعرض المجرّي عم (الشكل 5). وقد وجد أن القطب الشمالي لدائرة الاستواء المجرّية موجود في نقطة إحداثياها في النظام الثاني من الإحداثيات الاستوائية هما ط= 190ْ (أي 12 ساعة و40 دقيقة)، م=+28ْ، وتقع إحدى نقطتي تقاطع دائرة الاستواء المجرية مع فلك البروج في كوكبة العقاب Eagle التي يمثل النسر الطائر Altair أشد نجومها تألقاً.
والمطلع المستقيم لهذه النقطة 18 ساعة و40 دقيقة. أما مقدار الزاوية بين دائرة الاستواء المجرّية ومستوي الاستواء السماوي فهو 90ْ-28ْ=62ْ.
|
(الشكل -5) نظام الإحداثيات المجرية |
نظام الإحداثيات الأرضية أو الجغرافية:
تحدد النقطة على سطح الكرة الأرضية بعرضها وطولها الجغرافيين.
أما العرض الجغرافي لنقطة ن، أو اختصاراً العرض ن، فهو الزاوية التي يصنعها الشاقول في تلك النقطة مع مستوي الاستواء الأرضي، وهي تساوي أيضاً ارتفاع القطب عن أفق تلك النقطة.
وأما طول النقطة ن فيتحدد بالزاوية الساعية بين مستوي زوال هذه النقطة ومستوي الزوال المار من غرينيتش في إنكلترة. وفي حين تقاس الزوايا عادة بالدرجات، فإن الزوايا الساعية تقاس بالساعات والدقائق والثواني. فإذا كانت الزاوية بين مستوي زوال غرينيتش ومستوي زوال نقطة 75ْ مثلاً، فإن الزاوية الساعية لهذه النقطة تساوي 5 ساعات.
التغيرات في الإحداثيات الفلكية للنجوم
إن ميل نجم ومطلعه المستقيم مقداران ليسا ثابتين تماماً، وفي الحقيقة فإن محور دوران الأرض ليس ثابتاً على الإطلاق في الفضاء. ولما كانت قوى الجذب لأقرب جرمين سماويين من الأرض (وهما القمر، الشمس) غير واقعة في مستوي الاستواء الأرضي الإهليلجي س م ع (الشكل 6)، فإنه تنشأ مزدوجة تحدث أرجحة في الأرض بحيث يسعى مستوي استوائها إلى المرور بالجرم الذي يحدث الاضطراب. |
(الشكل -6) التغييرات في الإحداثيات الفلكية للنجوم |
وينشأ عن التسارع الحاصل دوران لمحور الأرض م ص في الفضاء حول النجم القطبي للمستوي الذي يحوي النجم المحدث للاضطراب. وهذا الدوران ليس بسيطاً، إذ يرسم محور دوران الأرض منحنياً متموجاً على دائرة صغيرة من الكرة السماوية، ويترتب على ذلك أمران: ـ حدوث دوران مستمر (باتجاه تقهقري) للمحور م س حول النقطة م في المستوي س م ع، وتسمى هذه الحركة المنتظمة مبادرة precession، وهي تعبير عن حقيقة تحرك الجرمين المحدثين للاضطراب في مستويين مختلفين (الشكل 7).
|
(الشكل -7) تفسير المبادرة |
ـ حدوث حركة معقدة تسمى الحركة الترنحية nutational motion تنشأ عن تغيرات في أوضاع محور دوران الأرض حول موضع متوسط. وهي تنعكس أولاً على سرعة دوران المحور م س الذي يكف عن الحركة المنتظمة لانضمام عدد من الحركات الدورية إلى حركته يترتب عليها ما يسمى ترنحاً في الطول. كذلك فإن الحركة الترنجية تنعكس على ميل دائرة البروج الذي يتغير بصورة دورية، وتسمى هذه التغيرات ترنحاً في الميل (الشكل 8).
|
(الشكل -8) حركة القطب نتيجة المادرة والترنح |
وتسمى مواقع النجوم المحسوبة كدوال (توابع) لحركة المبادرة وحدها مواقع متوسطة. أما إذا أدخلت في الحسبان التصحيحات الناجمة عن الحركة الترنحية، فعندئذ تنتج المواقع الحقيقية للنجوم. وتحدد الأزياج (الجداول الفكلية) للنجوم بالمواقع المتوسطة لها (المطلع المستقيم والميل) في أول يوم في السنة، أو في أول يوم من سنة معتمدة. وإذا رغب في مقابلة هذه المواقع بنتائج الأرصاد فمن الضروري أولاً حساب التصحيح المتعلق بالمبادرة، وذلك بأن يؤخذ في الحسبان التاريخ الدقيق للرصد، ثم حساب التصحيحات الناتجة عن الترنح.
وفيما يخص عددا ًمحدداً من النجوم المسماة بالنجوم الأساسية، فإن هذه الحسابات قد تم إجراؤها، وهي تعطى بفواصل زمنية قدرها عشرة أيام، لذا لا يتطلب الأمر إلا القيام بعمليات استكمال interpolation.