المآتم الصامتة للبعث المقبورفي قلعة سكر/1980-1991

عدد الرسائل : 160 تاريخ التسجيل : 11/05/2007

المآتم الصامتة للبعث المقبور في قلعة سكر/1980-1991

بين العام 1980 والعام 1991 انقلبت قلعة سكر من مدينة الحدائق الثلاث إلى مدينة المجازر الثلاث، إذ حدثت فيها ثلاث مجازر، الأولى كانت في العام 1980 حين جمع من كل بيتين، على أقل تقدير، رجل أُتهم بأنه منتمٍ إلى حزب الدعوة (العميل)، والعديد منهم أُتهموا من قبل بانتمائهم الى الحزب الشيوعي (الكافر)... حدث هذا تماماً بعد تهجير الدسابلة إلى الحدود العراقية الإيرانية، ومن بقي منهم، مازال متهماً، أو غير مستقر على وضع ما، فلا هو بالعراقي ولا هو من المرحلين فيعرف مصيره... مجزرتان في عام واحد، واحدة بالكرد والدسابلة والثانية بالعرب... وهم أيضا متهمون بانتمائهم إلى إيران!!

تحولت المدينة إلى مآتم صامتة، مآتم مكبوتة توقع الكثير أنها ستنفجر في أية لحظة... إلا أن الخوف استطاع أن يمص حرارتها ويتركها كالبركان المتجمد.

أتذكر حينما كنا نسكن في شارع الجمعية أن هناك ثلاث بيوت يعلو صراخها في الليل وتفتح أبوابها في النهار للشمس... الشمس فقط، حيث لا أحد يستطيع دخولها خوفا من اتهامه بالتعاون مع العملاء. وبالفعل كان (العملاء) يبتعدون عن أهل المدينة لأنهم أبناء المعدومين، وانسحب هذا الأمر عليهم حتى في حال تخرجهم من الدراسة الإعدادية، فبدلاً من أن يذهبوا إلى كلية التربية أو أية كلية (بعثية) أخرى فإنهم يذهبون للمعاهد حتى وإن كانت معدلاتهم في الدراسة الإعدادية عالية، لأنهم سوف يطردون منها على كل حال... فامتلأ سوق المدينة بأصحاب البسطات المتعلمين الذين يتخرجون من سوق قلعة سكر ليدخلوا إلى الحديقة الواقعة بين شفتيه!!

********************

هدأت المدينة... وانطفأ الغليان، تغيرت بعدها المعالم، أصبح الناس يأتلفون مع أبناء (العملاء)، وتحولت الحدائق الثلاث إلى علامات فارقة في وجنتها، حيث تحولت الحديقة الأولى إلى صورة كبيرة للقائد الملهم بزيه العسكري للدلالة على موقعها بين قسم الشرطة والأمن العامة ودائرة التجنيد... أما الحديقة الوسطى الخارجة من فم السوق فقد حرقت الورود وبلطت الأرض ونصبت في وسطها صورة أخرى للقائد ولكن هذه المرة بالزي العربي دلالة على الموقع المدني لها... في حين بقيت الحديقة الكبيرة كما هي، لكنها مليئة بالأغصان الميتة وبزهرة ذابلة هنا أو هناك.

********************

تكررت أحداث 1980-1981 بعد عشرة أعوام تماماً، أي في العام 1991 بعد حرب الخليج الثانية تماماً، فمدينة قلعة سكر من أوائل المدن التي خرجت ضد البعثيين وتم قتل أكثر من خمسة رفاق في هذا اليوم الذي خرج فيه جميع سكان المدينة، ولكن في حقيقة الأمر ان العديد من أهل المدينة خرج لنهب دوائر الدولة من دون الإحساس بمسؤولية ما خرجوا من أجله، ونهب العديد من سيارات المواد الغذائية القادمة لتوزيع الحصة التموينية على أهالي المدينة وللمدن المجاورة أيضاً... وهذه الحالة ليست بالجديدة، حيث فتحت الدولة قبل عشر سنوات من هذه الحادثة محلات الشيوعيين وبعدهم المنتمين لحزب الدعوة وتركتها للنهب...!!

في اليوم التالي حدثت المجزرة الثالثة، حين قدمت عند الساعة العاشرة صباحاً قوات الحرس الجمهوري فاستقبلهم (ريا) الشاب القروي بقوله: (قتلناه) فما كان من الضابط إلا ان صوب المسدس تجاه رأسه ففجره...

********************

فتحت هذه الأحداث النار على أهل المدينة، بدأ البعثيون بالتحول إلى ذئاب، ولأن أغلب رجال المدينة رفضوا الانخراط في حزب البعث، فقد لجأ البعثيون إلى الريف لتجنيد أبنائهم... ويا لها من فرحة كبيرة، فابن الريف الذي كان لا يستطيع ارتداء البنطلون يلبس بدلة زيتونية اللون، والذي لم يكن يجد صديقا له في المدرسة أو الشارع من أهل المدينة يتحول الآمر والناهي عليه...

بعد أقل من سنة من تلك الحرب تحول الشارع الفاصل بين الحديقة الكبيرة والمستشفى إلى قطعة خضراء، حيث توجد الشعبة الحزبية!

********************

بعد أن كنا نهرب من المدرسة لنعبر أسوار الحدائق الثلاث، أصبحنا نهرب من الشارع الوحيد الذي يربط هذه الحدائق ببعضها.. .

========================
موقع قلعة سكر .. أجزاء من مقالة للكاتب :صفاء ذياب
لقراءة المقال كاملا اضغط هنا :

http://www.qalatsuker.net/Town/qalatsuker%20safa%20diab.html

قلعة سكر مدينة عانت الويلات في ظل نظام البعث المقبور حالها حال غيرها من مدن الجنوب العراقي الاخرى المهمشة والمضطهدة والمحرومة

لعن الله البعث ولعن صدام ابن العوجه الجرذ الحقير