رغم مرور (44) عاماُ على استشهاد مؤسس العراق الجمهوري الزعيم عبد الكريم قاسم في الرابع عشر من رمضان الموافق وفق التقويم الميلادي للثامن من شباط الأسود لعام1963 مازال هذا الرمز العظيم ماثلاُ كما الأحياء في قلوب الفقراء
والمسحوقين والوطنيين العراقيين ، ويعود كأن خلوده والاقتداء بمواطنته الحقة لانتمائه وارتباطه العميق بقضايا الانسان ومجاهدته من أجل رفع وإزالة الفاقة والعوز المضنيين التي ألمت بأهله الذين تمادت الحكومات المتعاقبة على اذلالهم واستخدامهم هامشاُ من المشاعل التي تنير لهم الشوارع المؤدية لكراسي حكمهم المطلية بدماء أهالي الشاكرية وباب الشيخ والميزره وكل اقبية الأشباح الآدميين والمتقاسمين قحط السنوات العجاف من جور اصحاب التيجان المتعاقبة على رقابهم المكبلة بأمزجة وقرارات الحاكمين وشهواتهم وملذاتهم ، ويستمر الحال لينهض هذا الفارس الكريم ليقود ثورة أطاحت بمفاهيم الطبقية وفوارقها اللعينة ناسفا كل احلام الدهاقنة الذين تقنعوا بوجه الانعطافة الكبيرة ليندسوا وينحشروا بين صفوف الشرفاء المحررين ولكن (قاسم) نصير الفقراء انتهج الدرب الذي يؤدي الى الشمس الساطعة دون الظلام الذي يشكل غطاء للسراق والمارقين ..كان للخفافيش العمياء السم المؤجل لمسيرة هذه الثورة والاطاحة بزعيمها .
ولا اريد ان اخوض بتفاصيل هذا الانقلاب الوحشي بسبب معرفتنا لكل تفاصيله المعروفة لدى ابناء شعبنا الشرفاء ، لكني هنا اريد ان أسلط الضوء على لحظات اعدام الزعيم رميا بالرصاص في مبنى الاذاعة العراقية بالصالحية ظهيرة ذلك اليوم الرمضاني المشؤوم حيث اقتادته عصابة البعث ممثلة بالسعدي وعارف والبكر ، وكان لحضتها الزعيم صائماُ وجرت مهزلة محاكمته على عجالة هزيلة معدة سلفا وعند تلاوة قرار اعدامه بعد رفضهم لطلبه في أن يكون سفيرا أو ان يسمحوا له بمغادرة العراق قالوا: اطلب مافي نفسك فرد عليهم اذا كان لابد من هذا فاعطوني قدحاُ من الماء وفعلا تناول القدح فأخذ رشفة ماء وتغرغر بها دون أن يصل الماء جوفه متمسكاُ بصيامه ليلاقي ربه شهيداُ صائماُ محتسبا.