بدايات حرب الخليج الأولى
بدأت العلاقات الدبلوماسية العراقية-الإيرانية بالتدهور في عام 1980م بعد صراعات حدودية متفرقة .وبعدما قام صدام حسين في 17 سبتمبر 1980 بتمزيق اتفاقية الجزائر لعام 1975م و التي وقعها حينما كان نائب للرئيس العراقي آنذاك، مع شاه إيران عام 1975. واستعاد العراق نصف شط العرب الذي تنازل عنه لإيران بموجب ذلك الاتفاق.واعتبر شط العرب كاملاً جزءاً من المياه الإقليمية العراقية. و مما زاد الوضع تعقيدا هو محاولة اغتيال لوزير الخارجية العراقي آنذاك طارق عزيز من قبل عناصر حزب الدعوة الإسلامية العراقية التي كانت مؤيدة للنظام الإسلامي في إيران. ادعى نظام الرئيس السابق صدام حسين بأن القوات الإيرانية بدأت العمليات العسكرية بقصفها للمخافر الحدودية في منطقة المُنذرية والشريط الحدودي بين محافظة واسط و محافظة ديالى، كما ادعى تقدم القوات الإيرانية باتجاه المناطق العراقية في منطقتي سيف سعد وزين القوس وقد أرسلت وزارة الخارجية العراقية برسائل للامم المتحدة حول ما وصفته بالانتهاكات الحدودية فردت الحكومة العراقية بإرسال المقاتلات العراقية بغارة جوية في العمق الأيراني مستهدفة المطارات العسكرية اللإيرانية في عدد من المدن الإيرانية الرئيسية.أعلن صدام حسين أن مطالب العراق من حربه مع إيران هي: الاعتراف بالسيادة العراقية على التراب الوطني العراقي ومياهه النهرية والبحرية، و إنهاء الاحتلال الإيراني لجزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى في الخليج عند مدخل مضيق هرمز، وكف إيران عن التدخل في الشؤون الداخلية للعراق .إضافة إلى المطالبة بالأهواز وإقليم عربستان/ خوزستان كجزء من العراق.قام الجيش العراقي بالتوغل في الأراضي الأيرانية بدون مقاومة تذكر في بداية الأمر. لكن سرعان ما بدأت القوات الإيرانية برص صفوفها وتطوع ما يقارب 100،000 إيراني للذهاب إلى جبهات القتال بعد أسابيع من التوغل العراقي وبدأ الجيش العراقي يدرك أن الجيش الإيراني ليس بالضعف الذي كان متوقعاً. وبحلول عام 1982م تمكن الجيش الإيراني من إعادة السيطرة على كل المناطق التي كانت تحت سيطرة الجيش العراقي مما حدى بالحكومة العراقية إلى عرض مبادرة لوقف إطلاق النار في عام 1982م ولكن هذه المبادرة لم تلق أذان صاغية لدى الحكومة الإيرانية التي كانت على ما يبدو مصممة على الإطاحة بحكومة الرئيس صدام حسين.حرب الناقلات
في عام 1981م بدأ ما يسمى بحرب الناقلات و كانت عبارة عن استهداف متبادل لناقلات النفط و الناقلات البحرية التجارية للبلدين بغية قطع الإمدادات الاقتصادية و العسكرية للجيشين المتحاربين. ولم يكن الأمر مقتصراً على استهداف السفن التابعة للدولتين المتحاربتين بل امتدت لتشمل الدول الداعمة ففي 13 مايو 1984 هوجمت سفينة كويتية قرب البحرين و في 16 مايو 1984م هوجمت سفينة سعودية من قبل السفن الحربية الإيرانية حيث كانت الكويت و السعودية من الدول الداعمة للعراق. تم تدمير ما مجموعه 546 سفينة تجارية خلال حرب الناقلات وكانت أغلبيتها سفن كويتية مما حدى بالحكومة الكويتية إلى طلب المساعدة الدولية لحماية سفنها في عام 1987م; فقامت الولايات المتحدة برفع علمها على السفن الكويتية لتوفير الحماية لها. لكن هذا الأجراء لم يمنع الإيرانيين من مهاجمة السفن مما حدى بالأسطول الأمريكي إلى مهاجمة سفن إيرانية، و من أشهر هذه الهجمات الهجوم الذي وقع في 18 ابريل 1988 ودمر فيه سفينتين حربيتين إيرانيتين.
وقامت القوات الأمريكية بهجوم وقع في 3 يوليو 1988 أدى إلى تدمير طائرة نقل ركاب مدنيين قالت القوات الأمريكية فيما بعد أنه وقع عن طريق الخطأ من قبل الطائرات الحربية الأمريكية و التي أدت إلى مقتل 290 ركابا كانوا على متن الطائرة.
في خضم كل هذه الأحداث تم الكشف عن فضيحة إيران-كونترا ضمن صفوف إدارة الرئيس الأمريكي انذاك رونالد ريغان حيث تم الكشف عن حقيقة أن الولايات المتحدة كانت بالاضافة إلى دعمها للعراق فانها و في نفس الوقت كانت تبيع الاسلحة لإيران و كانت تستخدم الأموال من تلك الصفقة لدعم الثوار في نيكاراغوا.
حرب المدن
مع اقتراب نهاية الحرب بدأ الخمول يظهر على أداء الجيشين العراقي و الإيراني نتيجة للاستنزاف الطويل للذخيرة الحربية و القوة البشرية للجيشين، فبدأت مرحلة سوداء في تاريخ الحرب وهي قصف المدن بصورة عشوائية عن طريق صواريخ سكود أو أرض-أرض طويلة المدى حيث راح ضحيتها الكثير من الأبرياء المدنيين.
وبدأت القوات الجوية العراقية بضربات إسترتيجية للمدن الإيرانية ، واستهدفت الضربات طهران بشكل أساسي مع بداية عام 1985 ،فقامت إيران بقصف العاصمة بغداد بصواريخ سكود البعيدة المدى. و رد العراق بالمثل بقصف طهران.
و وصل الأمر إلى حد استهداف العراق الطائرات المدنية و محطات القطار، وتدمير ثلاثة و أربعين مدرسة في عام 1986 فقط أدى لمقتل مئات التلاميذ، وقام العراق باستعمال الأسلحة الكيمياوية في الحرب ، ولم تتمتع الحكومة الإيرانية بدعم دولي على عكس العراق الذي كان يتمتع بإسناد ذو قاعدة عريضة، كل هذه العوامل مجتمعة أدت لأن وافقت إيران على هدنة اقترحتها الأمم المتحدة والتي وصفها الأمام الخميني "كأس السم" حسب تعبيره في 20 اغسطس 1988،حيث كانت إيران ترفض أي قرار من مجلس الأمن ما لم يعترف بأن العراق هو البادئ بالاعتداء، و إقرار التعويضات اللازمة لإيران والتي قد تصل إلى 200 مليار دولار.
إلا أنه بعد ثلاثة أعوام من انتهاء الحرب وفي عام 1991 وبعد شهر واحد من الغزو العراقي للكويت وافق العراق على الالتزام باتفاقية عام 1975 التي وقعها مع إيران.