الجميع يقبل عليه، فلا بديل عنه في أجواء البلاد الحارة
في جيبوتي: يمضغون القات ثم يذهبون في ذهول عميق
« كلما تمضغ المزيد من القات، تزداد حال الذهول التي تصيبك، وليس هنالك من وسائل تسلية...اذن لا مفر من القات».
عندما تصل الطائرة التي تنقل القات من اثيوبيا كل يوم ظهرا، تشهد جيبوتي اضرابا وجيزا ثم تمضي تمضغ القات لتدخل اخيرا في حال ذهول تحت تأثير هذه النبتة والقيظ الشديد.
وبعد دقائق من هبوط الطائرة على المدرج الحارق في المطار، يتم افراغ الاكياس البيضاء الضخمة على الفور،
فالوقت ضيق، ويجب استهلاك النبتة بعد يومين او ثلاثة ايام من قطافها للحفاظ على قدراتها.
ولا يطيق الاهالي الانتظار لمضغ القات اذ ان احدا منهم لا يمكن ان يحتمل حرمانه من هذه النبتة.
وفي الصومال المجاورة التي تشهد حربا اهلية منذ عشرة اعوام، لم تنقطع يوما المؤن من القات.
وتحت اعين القوى الامنية غير المبالية، يتم انزال الاكياس البيضاء الكبيرة للنبتة التي تعتبرها منظمة
الصحة العالمية مخدرا ولكنها تستهلك منذ قرون في افريقيا الشرقية.
وتزرع النبتة في منطقة هرار الاثيوبية (شرق) حيث توزع في علب تحمل اسم الشخص المرسلة اليه
ثم ترسل الى بلد الاستهلاك.
وكل يوم، يصل حوالي 12 طنا من القات عبر الطائرات الى جيبوتي ويحدد وزن الحمولة في اثيوبيا
ثم تدفع الضرائب لدى دخول البضاعة الى البلد المستورد.
وبعد ذلك، يبدأ السباق مع الوقت فيحمل القات بسرعة في شاحنات وسيارات جيب تنطلق بسرعة جنونية
مطلقة منبهاتها ويعرف كل السائقين ان قوانين السير لا تطبق على الحافلات التي تنقل القات.
وقبل الساعة الثالثة، توزع النبتة في كل ارجاء البلاد التي تصغر مساحتها بقليل عن بلجيكا.
وتقول فردوسة (25 عاما) التي ولدت في عام الاستقلال "اشتري الكيس من القات الذي يضم 30
علبة بقيمة 7500 فرنك جيبوتي ثم ابيع كل علبة منها بمبلغ 300 فرنك. ومع نهاية النهار، اكسب 1500 فرنك"
اي حولي سبعة يورو.
وتبيع فردوسة التي غادرت المدرسة صغيرة ولم تحصل على عمل، القات في الطريق.
ويقوم حسين بالمهمة نفسها ويروي بفخر "ابيع القات منذ 30 عاما" ويضيف "الامور تسير بشكل جيد
ولكن بات الكثيرون يبيعون القات اليوم".
ولكن هل يبيع اولاده ايضا القات في الطريق؟ يسارع الى الاجابة "كلا، لقد ارسلتهم الى المدرسة، هذا افضل".
وفي كل مفترقات الطرق، يباع القات على طاولة من خشب محمية من الشمس الحارقة بقطعة مبتلة من
القماش للحفاظ على نضارة النبتة.
وبعد ان تروح جيبوتي تمضغ القات، تغرق رويدا رويدا في ذهول عميق تحت تأثير القات وميزان الحرارة
الذي يرتفع الى اكثر من 43 درجة في الظل فتغلق الادارات العامة والمتاجر ابوابها.
ويخصص اهالي العاصمة الذين يعيشون في بحبوحة غرفة في منزلهم للقات يجتمعون فيها كل يوم بعد الظهر
حيث يمضغون القات ويشربون الكوكا كولا والشاي ويستمعون الى الموسيقى ويتحدثون عن الرياضة او السياسة.
وفي ظل المباني ذات الطابع الكولونيالي في وسط المدينة، يروح الفقراء يمضغون القات وهو ممددون
على فراش بسيط غير مبالين بالمارة.
ويقول احد التجار" كلما تمضغ المزيد من القات، تزداد حال الذهول التي تصيبك ولكن الحر هنا شديد جدا
بعد الظهر ولا يسمح بالعمل وليس هنالك من وسائل تسلية...اذن لا مفر من القات".