منتديات مركز النورين الدولي للانترنت
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات مركز النورين الدولي للانترنت

الموقع الرسمي لمركز النورين الدولي للانترنت في الناصرية
 
البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 ما يشبه الضحك .. ما يشبه البكاء/قصص قصيرة لصباح محسن جاسم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ahmedalatbi

ahmedalatbi


ذكر
عدد الرسائل : 911
العمر : 39
Localisation : Great Iraq
تاريخ التسجيل : 12/05/2007

ما يشبه الضحك .. ما يشبه البكاء/قصص قصيرة لصباح محسن جاسم Empty
مُساهمةموضوع: ما يشبه الضحك .. ما يشبه البكاء/قصص قصيرة لصباح محسن جاسم   ما يشبه الضحك .. ما يشبه البكاء/قصص قصيرة لصباح محسن جاسم Icon_minitime1الخميس 26 يوليو 2007, 12:39 pm

ما يشبه الضحك .. ما يشبه البكاء
قصص قصيرة لصباح محسن جاسم


علاج

ما أغاض صاحبي حقا أنه ألقى التحية فلم يرد عليها الطبيب لا بأحسن منها ولا بمثلها أو حتى بإيماءة من رأسه إنما واصل قراءة صحيفته دون أن يرمش له جفن. أخذه الحنق ، مارَ غيظا ، وهو يضع قطعة الورق التي سيتقيأ عليها ذلك الطبيب المتعالي ، أمام ناظريه وتحت نظارته فيما راح يهذي بما اعتراه من ألم كأي آلة تشرع بالحركة ما أن يدعك زرها.
لم يقاطعه ملاك الرحمة ولم يشجعه على الكلام. كل ما فعله أن يده سحبت قلمه الحبر ومن دون تردد راح يبصق على الورقة المسكينة بعضا من حروف وكلمات لم يألفها تنتمي لعالم الطب والأطباء الخاص فحسب.
بعد ان ختم بتوقيعه بما يشبه علامة الصح دفع بورقة التطبيب إلى أمام الجريدة من دون أن ينبس ببنت شفة ، سقطت الورقة من على الصحيفة ، ثم متشبثة بحافة المكتب حتى هوت منتحرة كطائر أصيب بمقتل.
سرعان ما التقطها قبل أن تقبل أرضية العيادة فتتسخ. عيناه ظلتا تستجديان فهما لتلك الحروف وما طبعه الساحر من علاج. تأكد له أنه نفس اسم الدواء الذي أشار به لمراجعيه من المرضى حين كانوا يستفسرون منه عن اسم الدواء. لكنه استغرب أمرين:
أولهما بخل الرجل لا بالكلام فحسب بل وحتى رسمه لحروف وصْفته السحرية ، وبالمثل عدم امتلاء هيكل حروف ما دونه باقتضاب.
عاد يتأمل الطبيب ولما لم يرفع رأسه راح يمزق الورقة محتجا وبتحد غالبته برودة أعصاب تنافس صمت ذلك الجبل الجاثم دون حراك ثم ليضع مزق الورقة كومة واحدة فوق الصحيفة التي سحرته وقبل أن يلتفت عائدا من باب العيادة التفت بفضول طمعا بالتشفي لردة فعل الطبيب تجاه تهوره المنضبط أو في الأقل ليتسنى له مطالعة وجهه بدافع التعرف على ذلك الكائن العجيب!. أسقط في يده وهو يتابع بذهول كيف رفع الطبيب طرف صحيفته وأمالها تجاه سلة المهملات ، ثم عاود وضعه مواصلا التحديق في الصحيفة كأن شيئا لم يكن . حروف تلك الكلمة السحرية عرفها عن ظهر قلب دونما حاجة لتهجئتها والتي حتما نصح بها مرارا لعديد من زبائنه ، راحت تكبر أمامه لتملأ الغرفة وتفيض باتجاه الزاوية القصية في النهاية النتنة إلى يمين الرواق.


لغم في الأرض ..لغم في السماء

تذمر متسائلا متى يهل التيار الكهربائي ثانية. مولدة الكهرباء التي عاودت عملها ، بالكاد تنير المكان والقاعة الطويلة نسبيا وتشغيل بعض المراوح لم يحل مشكلة توقف أجهزة التبريد الخاصة . جو تشبع رطوبة وزاده ضيقا عبق دخان كثيف كإنذار بداية حريق في غابة.
اليوم: السبت 27 آب من عام 2006 ميلادي. المكان: أثرٌ مما تبقى من نوادٍ توفرت سابقا في بغداد السلام. الوقت : فترة زمن منفلتة بين الواحدة والنصف والثالثة بعد الظهر. انقطاع التيار الكهربائي جعل من رواد المكان يسبحون بماء ما شربوه.
عيونه التي لم تتعود جو النادي هملت دموعها . ما استغربَ له أن عموم الزبائن الحضور ما فتئوا يتباحثون ويتجادلون في أمور تخص الأدب والفن. شِيبهم وشبانهم في نقاش ودود كأنما لا يعنيهم من ذلك الجو القاتل أمرا في شيء. وجوه متعبة ورؤوس صلعاء ازدحم بها المكان ، بعضها اعتمر قبعة محببة تشبه تلك التي لدى الإيطاليين أو القوقاز مطلع القرن العشرين. هناك من أراح عكاز شيخوخته جانبا. ذكور لا يستحي بعضهم من التغزل بالنساء بقصائد تفيض اشتياقا وولها ومحبة. لا يقطع نسق همهمتهم وسحر ما يناقشون سوى نداءات على النادل بين الفينة والأخرى:
- حبيبنا – ثائر- هات لنا قطع ثلجك الملائكي لنلقم به أفواه سعير جحيمنا هذا!
آخر يؤكد بتودد : عيون – ثائر – ، أكثر من الخـَلّ فوق صحن الباقلاء! ثم يختم :
- لا فظّ فوّه القائل : كلوا من الخلّ ما فسد ولا تأكلوا من الخلّ ما أفسدتموه.
أن يدلف زائر جديد حتى يستقبل بالترحاب. وتحيا القبلات ، تتعانق الصدور وتتبادل تعابير الود والشوق والعتاب. كل ذلك الجو المعفر بدخان السجائر، والوجوه السعيدة تغلب عليها جدية الحديث وكتاب يتنقل بين مجموعة وما جاورها. وصحيفة وأخرى ومجلة وإصدار جديد لشاعر زميل كل ذلك يتداول هنا .عجبا كيف تسنى لأحدهم في مثل ذلك الجو قراءة موضوع أو أكثر لزميله فيما يجادله آخر وبقية رؤوس ترنوا منتبهة مركزة كأنما همها الوحيد هو ما جاء في تلك الورقة من بيان.
هذا عالم غريب! هنا فرن حقيقي للكلمات. ليس سهلا ما يقال. ليس يسيرا صناعة ما يقرأ من كلمات وجمل ومواضيع بكل ما تحمل من أفكار.
هؤلاء قوم لا يثنيهم انقطاع تيار كهربائي . ولا شحة ماء أو طعام. قوم يصنعون ما لا يبيعونه ، يدفعون فوق ما يصنعون. لم يعد أمرا عجيبا من تحدى أقدار حياته ووهبها حبا فقط لأجل أن لا تثلم تلكم الكلمات.
التيار الكهربائي ما زال معاندا في إطالة غيابه كعادته يوميا .
ارتج المكان أثر صوت تفجير في الجوار. تعانقت المجاميع كل حول مائدة جلوسه . هدوء ساد المكان ما فتئ إن تخللته أصوات احتجاج وأصوات صفارات الإسعاف ثم أعقب ذلك ضحكة مدوية آتية من أحدى زوايا المكان.
عقّب متحدث من نفس الزاوية مستدركا :
- عذرا أخوان .. الآن فقط وصلت النكتة التي حكاها لنا زميلنا ذاك القابع رأسه فقط تحت الكرسي هناك ! حاول كتم ضحكته التي لم يحتمل سجنها فانفلتت في إيقاع متواصل تجاوب معها الحضور فتعالى ضحكهم بانتشاء سرعان ما طغى على المكان. وسط كل ذلك اللغط كان ولما يزل هدير طائرة أو اثنتين في العادة - ليستا ككل الطائرات- يُسمع قادما من السماء ينذر بمقدم مفرّق الجماعات. وبين احتجاج وآخر يعدّل احد الحضور من جلسته ثم يبادر واقفا بثبات معلنا :
جَفلـْنَ فغادر الكحلُ سكرى عيونهنّ .. سوح الوغى سرعان ما ثأرت بأساً لهنّ !
يعود التيار الكهربائي .. وتعمّر الموائد من جديد .. وينادي النادل مؤكدا لزميله :
- ها قد عادت الكهرباء الوطنية .. أركنها جانبا المولّدة الخنفساء.
الشارع ملغوم . السماء ملغومة. القلوب ملغومة والكلمات كلها تتقابل / تتقاطع / تتخالف / تتلاقح/ ولكن هنالك فرق .. هناك فرق .. هناك فرق!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://ahmedalatbi.jeeran.com
 
ما يشبه الضحك .. ما يشبه البكاء/قصص قصيرة لصباح محسن جاسم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات مركز النورين الدولي للانترنت :: قسم الادب والثقافة :: منتدى القصة القصيرة والرواية-
انتقل الى: