القاء الضوء على 'العصور المظلمة' للفضاء
تلسكوب المستقبل يستكشف اركان الكون البعيدة ليرد على السؤال الخالد: متى تشكلت الكواكب؟
العصور المظلمة ليست مجرد فترة في تاريخ البشرية على الارض. فهي بالنسبة لعلماء الفلك تمثل أقصى اركان الكون بعدا والتي لا يعرف عنها سوى القليل والتي ربما كانت تحمل الاجابة عن السؤال الخالد:
متى تشكلت الكواكب؟
وتأمل وكالة الفضاء والطيران الامريكي "ناسا" في أن يلقي تلسكوب " الجيل القادم" المقرر أن يطلق عام
2013 بعض الضوء على السؤال. وتلسكوب جيمس ويب الفضائي الذي يحمل اسم مدير سابق للوكالة هو
مشروع مشترك مع وكالتي الفضاء الاوروبية والكندية ومجموعة من شركات الصناعات العسكرية الخاصة.
وقدم ثلاثة من المسئولين الرئيسيين المشاركين في المشروع الخميس الماضي أحدث المعلومات عن المشروع
كما عرضوا نموذجا للتليسكوب بالحجم الطبيعي أمام متحف الطيران والفضاء القومي في واشنطن.
ويأمل العلماء في أن يساعد التلسكوب ويب في الاجابة عن اثنين من اكبر الاسئلة المثارة حول الكون كيف نشأ؟
وهل هناك حياة على كواكب اخرى؟
وكان التلسكوب السابق هابل قد قدم أولى الاجابات الكبرى عن تشكل الكون بعد إطلاقه عام 1990. إلا أن
اكتشافاته فاجأت علماء الفلك فالمجرات البعيدة جدا التي كان من المتوقع أن تعطي ولو لمحة عن بدايات الكون
تبين أنها اكثر تطورا الامر الذي يعني أنها تشكلت بعد وقت طويل من الانفجار العظيم الذي يعتقد علماء الفلك
انه كان بداية تشكل الكون.
بعبارة أخرى فانه للوصول إلى قلب الكون وتحديد تلك المجرات البعيدة التي تشكلت أولا فان ناسا كانت بحاجة
إلى مجموعة أكثر تطورا من التلسكوبات.
وصرح ادوارد ويلر مدير مركز غودارد للرحلات الفضائية في غرينبيلت بولاية ميرلاند وكبير العلماء السابق
العاملين في مشروع انشاء هابل قائلا "كنا بحاجة لتلسكوب جديد للوصول إلى أعمق الاعماق لرؤية أول ضوء
من الكون".
وهكذا فانه في حين أن هابل بدا الطريق فان الفلكيون يأملون في أن يوفر التلسكوب ويب "أول رؤية عن هذه
الفترة الغريبة التي نسميها العصور المظلمة" حسبما يقول مات مونتن مدير معهد علوم تلسكوب الفضاء في
بلتيمور بولاية ميريلاند. ورأس مونتن العمليات العلمية بشان هابل والان ويب.
وفضلا عن هذا فان التلسكوب الجديد سيكون بمقدوره القيام بمزيد من البحث الخارجي عن كواكب ربما تتوافر
بها الظروف المواتية لحياة بشرية. وضرب مونتن مثلا بكوكب يبدو أن عليه حياة يبلغ حجمه نحو 1.5 حجم
الارض ويدور حوله نجم يقع على بعد نحو 20 سنة ضوئية منه وقد اكتشفه الشهر الماضي فريق من العلماء الاوروبيين وهو أول كوكب من نوعه يكتشف في نظام شمسي آخر.
وقال مونتن ان التلسكوب ويب يمكن أن يفحص الغلاف الجوي للكوكب بشكل اقرب بحثا عن اثار لمياه وأكسيجين وكربون وهي المواد الأساسية لوجود حياة.
والتلسكوب الجديد مزود بمرآة ضخمة عرضها 6.5 متر وهو ما يعادل ضعف مرآة هابل وان كان وزنها لا يزيد
عن نصف وزنها. وكلاهما مزود بدرع واق من الشمس لا يسمح بمرور أكثر من واحد على مليون من أشعة الشمس .وهذا يسمح للتلسكوب برصد الاشعة تحت الحمراء الصادرة عن أجسام فضائية بعيدة دون السماح للاشعة بالتسلل إليها.
وسيوضع التلسكوب في الفضاء على الجانب الاخر من القمر عند واحدة من البقاع القليلة في الفضاء تقع فيها
الارض والشمس على خط واحد. وهذا يسمح للمرآة بمنع الاشعة القادمة من الارض والقمر والشمس.
بدا العمل في المشروع منذ عام 1994 ويتكلف 4.5 مليار دولار.