ahmedalatbi
عدد الرسائل : 911 العمر : 39 Localisation : Great Iraq تاريخ التسجيل : 12/05/2007
| موضوع: نوري السعيد باشــــــــا الجمعة 20 يوليو 2007, 2:08 pm | |
| نوري السعيد باشا ظلّ نوري لغزاً كبيراً، لأنه بات، بعد العام 1927، "صعب الاقتلاع" في بلد لم يتعود الإذعان لرجل أو الخضوع لسلطة. كان نوري في مظهره جاداً وحازماً، بل وقاسياً عند الضرورة، حاد الطبع، عصبي المزاج، سريع الغضب، الصفات التي لازمته طيلة حياته السياسية، حتى قيل عنه أنه كثيراً ما كان يشترك في المشاجرات والمشاحنات، لكنه إذا ما أراد الوصول إلى غاية ما أو تكريس سياسة ما، فإنه لا يثور ولا يتأثر، بل يتحمل النقد اللاذع من خصومه ويتعمد الغموض في أحاديثه ويوحي لمخاطبيه عن قصد بإشارات متناقضة أو تنطوي على تفسيرات متعددة، و" لكن إشارة واحدة، أو تعبيراً واحداً يقلب الأمور على أعقابها، ويجعل المخاطبين يفهمون ما يريد أن يقول نوري، وليس ما قاله". وبالفعل، كان نوري مناوراً بصورة فريدة، يعرف كيف يستغل الظروف والمتغيرات ويكرّسها لخدمة أهدافه. كان ميكافيلياً بالفطرة، يؤمن بأن الغاية تبرر الوسيلة، فكان يجيد اختيار ساعته ويعرف كيف يقتنص الفرص الثمينة لتقوية أوراقه الرابحة هكذا كان البريطانيون ينظرون إلى تحركات نوري السعيد بكثير من الشك، وكان في رأيهم "يمتلك طاقة عجيبة في السير مع الطريدة وكلاب الصيد في آن"، فبينما كان على علاقة وطيدة معهم، كان يحثّ العناصر الوطنية على مهاجمة سياستهم في المنطقة، وكان لديهم, إلى هذا وذاك، انطباع جازم بأنه كان القوة التي تحرّك القلم المتصلب لصحيفة "الاستقلال" ذات الاتجاه الوطني. كما تبيّن لهم أن نوري "له طبيعة شيطانية، عديم الاستقرار ومصدر للأذى"، بل كانوا يعتبرونه " كالقرد كثير الحيل" و"طموح متعطّش للسلطة" و"واحد من أبرع المساومين" و"ذكيّ جداً في التخطيط إلى درجة يصعب معها أن يثق أحد به تماماً" و"ذو طاقة في الأعصاب كاملة".ومهما يكن الأمر، فقد كان نوري مقتنعاً، منذ أيام نشاطه الأولى، بأن القوى الدولية الكبرى هي التي تؤلف العامل الحاسم في تقرير مصير ومجرى الأحداث في المنطقة، بل جعل من هذا مذهباً ملازماً لسلوكه السياسي اليومي، فكان يعيد كل نزاع إلى موقعه الشامل، ويربط كل الجزئيات بالخيارات الكبرى. ويبدو أن اجتهاده هذا نابع من قناعته بإمكان تحقيق الأفضل بمساعدة قوة دولية كبرى، الأمر الذي أفصح عنه مرة، بوضوح، حين قال: "إننا نكافح بقرنين، أحدهما من طين والآخر من عجين، وهذا ما يحملني على البحث عن أصدقاء أقوياء يمهدون أمامنا الطريق إلى المستقبل: أي الإنجليز". وفي معرض تبريره لهذا النهج، قال نوري، في لحظة صفاء: " إن المعارضين {للإنجليز} أشد وطنية مني، إلاّ أنني أعتقد بأن سياستي هي الأوفر حظاً، والأحسن للوصول إلى الغاية التي ننشدها جميعاً، فليس بيد أحد أن يعدّل المعوج أكثر من ذلك".قتله الثوار بعد ثورة تموز 1958 على اثر اعلان الجمهورية وانتهاء عهد الملكية على يد الزعيم عبد الكريم قاسم | |
|